شارك الأستاذ الدكتور رشيد كهوس (منسق مجموعة البحث في السنن الإلهية في القرآن الكريم والسنة النبوية والتاريخ) يوم الاثنين 19 صفر الخير 1435هـ وفق 23 دجنبر 2013 في الندوة العلمية -"القيم والأخلاق من خلال السيرة النبوية"- التي أقيمت برحاب كلية أصول الدين بتطوان بتنظيم: "مجموعة البحث في المدرسة الحديثية بالغرب الإسلامي" و"مجموعة البحث في السنن الإلهية في القرآن والسنة والتاريخ" و"مجموعة البحث في النوازل العقدية والفكرية بالغرب الإسلامي" شارك بمداخلة بعنوان: "نماذج من رحمة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمخطئين". وقد استهل الدكتور رشيد مداخلته بحاجة الأمة إلى دراسة السيرة النبوية والنهل من ينابيعها، والسير على منهاجها، والتمسك بمبادئها الرفيعة، وجعلها منطلقا لتربية الفرد وإصلاح المجتمع. وأكد في مداخلته أن الأخلاق هي روافد نهر الإيمان، بها يكتمل، وبها يكون المسلمون خير أمة أخرجت للناس. مؤكدا أن النبي صلى الله عليه وسلم ربى صحابته على الأخلاق العالية، فكانوا رحماء بينهم، شيمتهم العفو والسماحة، والرفق والرحمة، وحبّ الخير لخلق الله جميعا .. قائلا: "إن االقيم الخلقية هي جوهر رسالات السماء على الإطلاق؛ وإن من أهم مقاصد البعثة النبوية: إتمام صالح الأخلاق ومكارمها وبناء صرحها ودعامتها، وإشاعة روحها في نفوس الأفراد والأسر والمجتمعات، والعمل على تقويمها". كما أكد أن السيرة النبوية العطرة هي المصدر الأساس والمنبع الأصيل للقيم النبيلة والأخلاق السامية. ثم بعد ذلك انتقل إلى المحور الأول الذي خصصه لفلسفة الرحمة في الإسلام مشيرا إلى أن الرحمة هي العمود الفقري في منظومة الأخلاق المحمدية التي تقوم عليها مجمل تصرفات النبي صلى الله عليه وسلم الخُلقية، مؤكدا أن الهدف الأساس من رسالة السماء هو هدف أخلاقي وأن الإسلام أمر بالتراحم بين الناس وأن الرحمة وصف تكرر ذكره في القرآن الكريم لأكثر من ثلاثمائة مرة، وأن خلق الرحمة من أهم الأخلاق التي اتصف بها سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث رحم باليتامى والأطفال والنساء والأرامل وحتى الحيوان، وهو صلى الله عليه وسلم منزه عن كل اتهام بالفظاظة وغلظة القلب.. ثم استشهد بمجموعة من الأحاديث النبوية الشريفة التي تحض على خلق الرحمة وتبين فضائله الكثيرة ومنافعه العاجلة والآجلة .. ثم ختم هذا المحور بالقول أن المتتبع لما ورد في كتاب الله تعالى من آيات كثيرة عن كون سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم رحمة للعالمين يتضح لـه جليا أن جميع ما جاءت به الرسالة المحمدية الغراء، وجميع ما اشتملت عليه من عبادات ومعاملات، وعقائد وتشريعات، وآداب وأخلاق، وحقوق وواجبات، وحدود وعقوبات.. كان مبنيا على أساس الرحمة بالعباد. لينتقل بعد ذلك إلى الحديث مظاهر رحمة النبي صلى الله عليه وسلم بالمخطئين مشيرا إلى أن معظم الأخلاق الحميدة التي اتصف بها النبي صلى الله عليه وسلم وامتازت بها شخصيته الكريمة وتركيبته الفريدة وجنابه الشريف قد انبثقت من خلق الرحمة.. ولذلك وصفه الله تعالى بوصف لم يصف به غيره وأعطاه اسمين من أسمائه: ((لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ))[التوبة: 128]. ثم عرج بعد ذلك إلى سرد نماذج من رحمته صلى الله عليه وسلم بالمخطئين معلقا عليها: كقصة الشاب الذي أتى إلى النبي صلى الله عليه وسلم يستأذنه في الزنا، وقصة خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم أنس بن مالك رضي الله عنه، وقصة حاطب بن أبي بلتعة -رضي الله عنه- الذي أفشى سرا عسكريا خطيرا، ثم قصة رحمته صلى الله عليه وسلم بأهل مكة وعفوه وصفحه عنهم يوم دخل مكة فاتحا منتصرا، وهو من أعظم مواقف الرحمة في السيرة النبوية العطرة. ليختم مداخلته بمحور ثالث وهو الأخير خصصه للدعوة إلى التأسي برحمة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم بالمخطئين خاصة وبالناس جميعا عامة.. موضحا في هذا المحور سوء فهم الناس لحقيقة التأسي والاقتداء بسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، حيث اكتفى بعضهم بقراءة السيرة النبوية في المناسبات دون الوقوف مع دروسها وعبرها للعمل بمقتضاها، والاهتداء بها، واكتفى آخرون بحصر الإسلام في زاوية ضيقة وفي بعض العبادات والحدود.. مؤكدا أن السبب الذي جمع الناس حول سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس أبدا قوةَ السلطان، ولا حد السيف.. إنما الذي جمعهم حقيقة هو الرحمة الإلهية التي ألانت قلب خير البرية صلى الله عليه وسلم، لذلك جاء على هذه الصورةِ الرحيمة من الكمال البشري والسمو الخلقي.. مصداقا لقوله تبارك وتعالى في مخاطبا نبيه الكريم صلى الله عليه وسلم: ﴿فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ﴾ (آل عمران: 159). كما شارك في هذه الندوة العلمية الأستاذ الدكتور الأمين اقريوار (أستاذ الحديث وعلومه ومنسق مجموعة البحث في المدرسة الحديثية بالغرب الإسلامي) بمداخلة بعنوان: "قيم الأخلاق من خلال كتاب الشفا للإمام القاضي عياض-رحمه الله-"، حيث افتتح مداخلته بالحديث عن مكانة السيرة النبوية العطرة، وأنها تعد مصدرا حيا ومتجددا للفكر الإسلامي الذي يعبر بدقة وصدق عن روح الشريعة ومقاصد التشريع الإسلامي، مبينا أنها تجسد قيم الإسلام الحقيقية وتلقي أضواء كاشفة عن كثير مما يهتم به العالِمُ بمعرفة غايات التشريع وأهدافه، وتنمي مشاعر الاعتزاز بالقيم الإسلامية الأصيلة وفضائله الشريفة وخصاله الحميدة... ثم عرج إلى الحديث عن القيم التربوية في الإسلام وأهميتها في تهذيب سلوك الأفراد والسمو بهم إلى طلب المعالي ودرجات الصدق عند الله تعالى، لأنها المصدر والمعيار الموجه للفرد والمجتمع والأمة.. ثم انتقل بعد ذلك إلى التعريف بكتاب الشفاء وأهميته ومكانته العلمية وشهرته التي تفرد بها في بابه، وما حظي به من الاهتمام والقبول عند أهل السير خاصة وعند العلماء وطلاب العلم والأمة عامة.. كما اعتبر هذا الكتاب من أهم المصنفات التي اهتمت بسيرة خير البشرية سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وشمائله وصفاته وخصائصه وحقوقه على أمته... ليعرج إلى المحور الأول الذي خصصه للقيم الإيمانية والتربوية السلوكية في كتاب الشفاء، مبينا أن كتاب الشفاء يعتبر مصدرا مهما للقيم التربية والإيمانية: كبيان معجزات النبي صلى الله عليه وسلم وكراماته وشمائله وخصائصه ومكانته عند ربه، وحسن الخَلق وحسن الخُلق... مما يستوجب من الأمة الإيمان به صلى الله عليه وسلم وتعظيم قدره وأمره، وتوقيره، والتصديق بما أظهره الله على يديه من معجزات، وبما أخبر به، وبإسرائه ومعراجه -بالروح والجسد-، وغيرها من المعجزات الدالة على صدق نبوته وعلو منزلته، وعظيم شرفه، ثم وجوب طاعته، والتمسك بسنته، واتباع أقواله وأفعاله، والاهتداء بهديه، والتأدب بآدابه في عسره ويسره، والتخلق بأخلاقه.... ثم انتقل إلى المحور الأخير الذي خصصه للقيم الواجبة في حقه صلى الله عليه وسلم وكيفية إعمالها والاستفادة منها وتطبيقها في الحياة: واقتصر حديثه على قيمتين هامتين: أولهما: (قيمة المحبة) حيث بيَّن أسبابها ومعناها وعمق محبة السلف الصالح لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وشوقهم إليه، وكثرة ذكره، والصلاة عليه، وتعظيمهم له وتوقيره عند ذكر اسمه، ومحبة من أحبه صلى الله عليه وسلم من أهل بيته وأصحابه، وبغض من أبغضه... وآخرهما: (قيمة النصرة) وهي من القيم الواجبة في حقه رسول الله صلى الله عليه وسلم، خاصة في هذا العصر الذي كثرت فيه أوجه الإساءة إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ليؤكد على وجوب نصرته ونصرة سنته والذود عنه وعن شريعته وهديه. كما شارك في هده الندوة الأستاذ الدكتور إبراهيم امونن (منسق مجموعة البحث في مدارس التفسير ومناهج المفسرين بالغرب الإسلامي) بمداخلة بعنوان: "قيم الإسلام وأخلاقه في ضوء حديث جبريل عليه السلام": وقد استنبط من هذا الحديث النبوي الشريف مجموعة من القيم وهي : الأمانة: وقد تجلت في أمانة سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه في رواية الحديث بأدق تفصيلاته وذلك بتوصيفه لحالة جبريل عليه السلام وكيفية جلوسه إلى النبي صلى الله عليه وسلم. التشريف والاحترام والتوقير: وقد ظهرت هذه القيمة في طريقة تعامل جبريل عليه السلام مع النبي صلى الله عليه وسلم. النظام: التي تجلت في طريقة إجابة النبي صلى الله عليه وسلم عن كل سؤال (الإسلام-الإيمان-الإحسان-الساعة). التعلم: الواردة في دخول جبريل عليه السلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وسؤاله النبي صلى الله عليه وسلم وإجابة النبي صلى الله عليه وسلم على أسئلته. التبليغ: حيث لم يحتفظ النبي صلى الله عليه وسلم بالأجوبة لنفسه، وإنما بلغها وعلمها لأصحابه ولأمته من بعده، وكذلك في إخباره صلى الله عليه وسلم الفاروق رضي الله عنه بأن السائل إنما كان جبريل عليه السلام جاء ليعلم الناس دينهم. والأستاذ الدكتور أحمد مونة (منسق مجموعة البحث في مناهج العلوم الشرعية بالغرب الإسلامي) بمداخلة حول "قيمة الصدق ومقاصدها": حيث حدد فيها مفهوم الصدق، وبين أقسامه: (الصدق في القول، والصدق في العمل والفعل)، ونبه إلى أزمة الصدق الشائعة بين الناس التي في تفصل الصدق في القول عن الصدق في العمل... ليخلص في الأخير إلى أن حرص علماء الأمة على الصدق في القول والعمل. ثم تدخل أخيرا الأستاذ الدكتور محمد الشنتوف (نائب العميد ومنسق مجموعة البحث في النوازل العقدية والفكرية بالغرب الإسلامي))، بمداخلة بعنوان: "القيم العلمية والتربوية من خلال السيرة النبوية": تناول في مداخلته الحديث عن عشر قيم مستمدة من منهاج النبي صلى الله عليه وسلم في التعليم والتعلم، وهي: 1-تعليمه صلى الله عليه وسلم بالسيرة الحسنة والخُلق العظيم؛ حيث كان إذا أمر بشيء عمل به أولا، 2-تعليمه أمور الدين بالتدرج، 3-رعايته الاعتدال خوفا من الملل والسآمة، 4-الصبر وطول النفس، 5-التربية بالأحداث والعبر، 6-مراعاة الفروق الفردية بين المتعلمين، 7-التعلم بالرسم على الأرض والتراب لتيسير الفهم وبيان المقصود، 8-اختباره للمتعلمين لأجل تعليمهم، 9-إشعاره صلى الله عليه وسلم بجسامة أمر ما من خلال هيأته وطريقة جلوسه، 10- مشاركته العملية في كثير من أمور الأمة، كمشاركته في بناء المسجد وغيرها... وقد ذكر مع كل قيمة مثالا من السيرة النبوية العطرة.