أظهر وباء "كورونا" أن قوة المجتمع وسلامته وتماسكه مرهونة لا سيما في الشدائد بمدى حضور الجانب القيمي فيها، إذ إن الكثير من المبادرات الإنسانية والاجتماعية الخيرة التي ظهرت في هذه الأزمة والتي عالجت مشكلات عميقة وكثيرة، إنما صدرت بدوافع قيمية فاضلة، كما أن بعض المظاهر السلبية التي عمقت آلام الناس باستغلال ظروف الشدة، إنما مصدرها تصدع القيم، أي افتقار أصحابها إلى القيم. ومن ثم فإن من باب الحرص على أمن المجتمع وتماسكه واستقراره وسلامته وكفايته وطمأنينته: أن تعزز هذه القيم الدينية والوطنية والإنسانية والاجتماعية في المجتمع؛ عبر التوعية بها من خلال الوسائل المختلفة (مواعظ ودروس، برامج إعلامية، لوحات إشهارية، برامج المجتمع المدني...)؛ من أجل إكساب المواطنين قوة مناعية (على المستوى الصحي والنفسي والاقتصادي والاجتماعي...) تجاه هذا الوباء المستجد (كوفيد 19) وسائر الأوبئة والجوائح والشدائد والأزمات المتوقعة. وتأسيسا عليه، فإن تعزيز منظومة القيم وتنميتها داخل الأوطان لمن الأمور التي تسعى مجتمعات اليوم إلى تحقيقها في مجالها على جميع المستويات (النفسية والصحية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية...)، ذلك بأن ترسيخ القيم في المجتمع تسهم في حفظ أمنه الاقتصادي والاجتماعي والنفسي والصحي في جميع الحالات التي يمر بها، والمراحل التي يتقلب فيها. وإن الفترة الحرجة التي تمر بها بلدان العالم اليوم تحتاج إلى استحضار هذه القيم المتنوعة (أسرية، اجتماعية، وطنية، إنسانية، دينية..)، من أجل التخفيف من التبعات الاجتماعية والاقتصادية والنفسية لهذا الوباء، ومواجهة تحديات فيروس كورونا وأزماته. ومن ثم فإن الحاجة ماسة إلى استحضار منظومة القيم في هذا الوضع الحرج وتفعيلها في المجتمع: (الطمأنينة الإيمانية، تعميق الشعور العقدي الذي يقوم على الرضا بقضاء الله وقدره والدعاء وحسن الظن بالله، التضامن الوطني، التكافل التعاون، البذل والعطاء، الأخوة، الإحساس بالآخرين، الوحدة الاجتماعية، الصدق والأمانة، نشر الطمأنينة والتفاؤل والأمل، الإيجابية، التصدي للشائعات، الدعم النفسي، التماس الأسباب المناسبة للخروج من الأزمة، الأمن الغذائي، المصير المشترك...)، إلى غير ذلك من القيم . وخلاصة القول: نحتاج إلى استحضار منظومة القيم في سائر الأوقات والأحوال وفي وقتنا هذا وحالنا اليوم أكثر. اللهم ارفع هذا الوباء عن الإنسانية جمعاء.
جميع حقوق الطبع والنشر © 2023 aboulyossr.com